" اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي .. اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب "
وهكذا كان دعاء يا قوت في أول ليلة من ليالي شهر رمضان الكريم ..
كانت الفرحة تملئ قلبه وتتراقص الابتسامة على شفتيه ، فقلد انتهى ياقوت من تعليق زينة رمضان في المنزل والشارع بالاشتراك مع اصدقائه .. وأخذ يفكر فيما يمكن أن يفعله في شهر رمضان المعظم .
أمسك كتابا كان سبق أن أعطاه إياه والده هدية ، و أخذ يقرأ فيه فتوقف عن القراءة عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من قرأ القرآن فأكمله وعمل به ، ألبس والده تاجا يوم القيامة .. ضوئه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا " فما ظنكم بالذي عمل بهذا ؟
أعجب ياقوت كثيرا بهذا الثواب العظيم وأخذ يقول لنفسه إذا كان أبي سيلبس تاجا ضوئه أحسن من ضوء الشمس .. فماذا سألبس أنا ، ورفع يديه إلى السماء ودعا الله سبحانه وتعالى أن ينال هذا الثواب .
وتذكّر ياقوت حين سمع النداء للصلاة أن صلاة التراويح تبدأ من الليلة فأسرع إلى المسجد
وفي الطريق تنفّس ياقوت الهواء فشعر بالصفاء والنقاء ، واستشعر كأن الملائكة تحيط به في كل مكان .. ثم قطع تفكيره هذا صوت صديقه أحمد وهو ينادي عليه من بعيد ... " ياقووووت .. ياقووووت " ، التفت إليه ياقوت وسلّم عليه فاصطحبه ياقوت معه للصلاة وكانت الشوارع قد تزيّنت لاستقبال هذا الشهر الكريم .. فأخذ الاثنان يتبادلان الحديث فيما سيفعله كل منهما في رمضان هذا العام .. حتى وصلا للمسجد .. فربط ياقوت على يد صديقه أحمد قائلا : تعالى يا أخي الكريم نتواصى معا لتحقيق حديث رسول الله بالخشوع في الصلاة
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وجعلت قرة عيني في الصلاة "
أي أفضل شيء يملأ ويفرح عين وقلب رسول الله هو الصلاة
شكر أحمد ياقوت على هذه الوصية ووعده بتنفيذها .. وبعد الصلاة ودّع ياقوت أحمد وأعطاه تمر ليفطر عليها غدا وتذكّر حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام :" من أفطر صائما فله أجره من غير أن ينقص أجر الصائم شيئا " ثم رجع للبيت مسرورا
جلس ياقوت يذاكر قليلا ثم خلد للنوم .. ولكنه تذكّر الحديث القدسي :" لايزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه " فهمّ من الفراش مسرعا وصلى ركعتين بنية قيام الليل .. زلما انتهى أخلد للنوم ونام نوما عميقا
" ياقوت .. استيقظ يا بني لتناول السحور "
هكذا أفاق ياقوت على صوت والدته وهي تناديه لتناول السحور .
وقام ياقوت بكل نشاط وحيوية وقبّل والديه وقال لأمه : اشتقت للقيام على صوتك يا أمي وأنتي توقظيني لتناول السحور ، ثم أخد يأكل مستشعرا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تسحروا فإن في السحور بركة "
وبعد الأكل أخذ ياقوت في القراءة في المصحف حتى أذان الفجر .. وبعد الصلاة جلس يذكر الله ويردد أذكار الصباح حتى طلعت الشمس .. صلى الضحى ولبس ملابسه وذهب لمكتب تحفيظ القرآن
في الطريق وجد ياقوت رجل فقير يسأل الناس .. فتذكّر أن رسول الله عليه الصلاةوالسلام كان أجود ما يكون في رمضان ، فأعطى الرجل من مصروفه وأكمل طريقه إلى المكتب ولكن فجأة اعترض طريقه اثنين يتشاجران فحاول ياقوت الفصل بينهما ولكن أحدهما شتمه .. فلم يرد عليه ياقوت بل قال له إني صائم ..إني صائم فشعر الولد وقتها أنه أخطأ ، فتأسف له . فسلم عليه ياقوت وسامحه واصطحبهم لمكتب معه، فتذكّر ياقوت قول الله :"فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "
وفي مكتب تحفيظ القرآن الكريم قام أحد المدرسين بإلقاء كلمة عن رمضان وفائدة الصوم والانفاق والصدقة والقرآن وخنم كلمته عن أهمية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان .
وأكمل ياقوت ورده القرآني ليحقق ما تمناه من الأجر ، ولكن أحد أصدقائه كان جالسا خلفه وأخذ يشتم صديقا لهم غائبا ويشتكي منه لأحد أصدقائه ... فالتفت اليه ياقوت قائلا : اخي الحبيب يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب " فانضموا معي لقراءة القرآن بدلا عن الغيبة عسى الله أن ينفعن بالقرآن ، ولم ينس ياقوت أن يذكرهم بأهمية زيارة الأقارب وزيارة الجيران والدعاء للمسلمين في فلسطين