الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
السلام عليكم و رحمة الله
كم يبلغ ملك المؤمن في الجنة ؟ وما الأعمال التي تزيد في مساحة ملكه ؟
السؤال:
كم يبلغ مُلك المؤمن في الجنة ؟ وهل ورد دليل ذكر فيه مساحة ملكه ؟ وما هي الأعمال التي تزيد في مساحة ملك المؤمن في الجنة ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله.
أعدَّ الله تعالى الجنَّة لعباده المتقين ، وجعل عرضها كعرض السماء والأرض ، مما يدل على سعتها وعظيم مساحتها ، وإذا أكرم الله تعالى عباده فيها فهو يكرمهم بفضله ورحمته ، وفضله عظيم ورحمته واسعة ، ومن ذلك الإكرام : عظيم الملك الذي يكون لأهل الجنة ، وقد قال الله تعالى واصفاً ذلك بقوله ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ) الإنسان/ 20 ، وقد جاء في السنَّة الصحيحة بيان سعة ما لأدنى أهل الجنة منزلة وهو عشرة أضعاف الدنيا ! فكيف يكون ما لأعلاهم منزلة ؟! فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ كَبْوًا فَيَقُولُ اللَّهُ : اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى ، فَيَقُولُ : اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى ، فَيَقُولُ : اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا – أَوْ : إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا – فَيَقُولُ : تَسْخَرُ مِنِّي – أَوْ : تَضْحَكُ مِنِّي - وَأَنْتَ الْمَلِكُ ؟! فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، وَكَانَ يَقُولُ : ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ) .
رواه البخاري ( 6202 ) ومسلم ( 186 ) .
وأما بخصوص الأعمال والطاعات التي يأتي بها المسلم لتزداد مساحة ملكه في الجنة فليس عندنا فيه شيء ثابت في السنَّة ، ولا شك أنه لو كان للمسلم مكان في الجنة بمقدار سوط ، أو بمقدار قوس ، لكان خيراً له من الدنيا وما عليها ، كما صحَّ بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ) رواه البخاري ( 2735 ) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ ) رواه البخاري ( 2643 ) .
( قاب قوس ) هو ما بين مقبضه وطرفه ، والمعنى : أن مقدار ذلك من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ومثله يقال في " موضع السوط " .
وقد ثبت في السنَّة الصحيحة أن خيمة المؤمن في الجنة طولها ستون ميلاً ، فكم ستكون مساحة ملكه إذا كان هذا هو طول خيمة واحدة ؟! فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ) رواه البخاري ( 4598 ) ومسلم ( 2838 ) ، وفي لفظ عندهما ( عَرضُهَا سِتُّونَ مِيلًا ) .
والله أعلم