خارطة طريق للخلافات الزوجية
يقول الخبراء في شؤون الأسرة أن الخلافات الزوجية بما فيها من «نق» ونكد ومناكفة متبادلة، أو من طرف واحد، كلها مسائل عادية إذا لم تتجاوز الحدود المعقولة. فالمتزوجون غالباً ما يختلفون حول العشرات من أمور الحياة اليومية. ويقدر الخبراء أن المتزوجين يختلفون ما معدله 312 مرة في السنة، أي بمعدل خلاف يومي ست مرات في الأسبوع.. لكن الخبراء أنفسهم يحذرون من خطر الاعتقاد السائد في بعض المجتمعات التي تقول أن عدم الاختلاف دليل على السعادة الزوجية، فهم يرون أنه دليل على انعدام الشخصية لدى أحدهما أو كليهما، أو عدم القدرة على البوح في ما يدور في رؤوسهم لأن المرء يختلف مع نفسه أحياناً، فكيف لا يختلف مع غيره كما تقول الدكتورة الأميركية تينا تيسينا مؤلفة كتاب «المال.. الجنس والأطفال.. ثلاثة خلافات تدمر الزواج»؟.
يوضح علماء الاجتماع أن الطريقة التي يتعامل بها المتزوجون مع خلافاتهم ليست نتيجة حتمية لطبيعة العلاقة الزوجية بقدر ما هي نتيجة للطريقة التي تربى عليها والبيئة التي نشأ فيها كل منهما.
وبغض النظر عما إذا كانت الخلافات صغيرة أو لا تستحق كما يصر البعض على وصفها، فهي تسحب من رصيد السعادة الزوجية إذا لم يعرف الزوجان كيفية الخروج بالتراضي والاتفاق من النقاش والجدال اللذين قد يرافقهما بعض الصراخ.. ومن دون أن يضطر أحدهما لرفع راية الاستسلام أو أن يرفع أحدهما الكارت الأحمر للآخر.
بعض النظريات حول موضوع الخلافات الزوجية تشير إلى أن هذه الخلافات تقوي العلاقة الزوجية وتدعمها بدل أن تؤذيها طالما بقيت في حدود الاحترام المتبادل.
ويجمع المتخصصون على أن الموضوعات الثلاثة الأكثر إثارة للخلافات الزوجية هي: المال والجنس والأطفال.
وتوضح الدكتورة «تيسينا» أن الخلافات حول المال تنبع من الاختلاف في نظرة كل من الزوجين للمال المتوفر وكيفية إنفاقه أو ادخاره.
المال والجنس
وهناك سبب آخر وهو تعمد بعض المتزوجين الخيانة المالية، أي أن يخون شريك العمر بعدم الكشف عن ممتلكاته ونفقاته.. أن يخفي حقيقة ما يكسب. فالبعض مثلاً يصر على عدم الكشف لشريك العمر عن الأرقام الحقيقية للراتب الذي يتقاضاه أو الأرباح التي يحققها إذا لم يكن موظفاً، أو عما يمكن تسميته المصروفات السرية.
أما الخلافات حول الجنس فغالباً ما تتركز على الاختلاف حول رغبة كل منهما.. حول ما يريد وما لا يريد.. حول الخيانة الزوجية، أو حين يعتقد أحدهما بأن الآخر يخونه.
إنجاب الأطفال وتربيتهم
الخلافات بشأن الأطفال مسألة شائكة حتماً.. فالبعض متحمس للأمومة أو الأبوة والآخر يريد التأجيل لسبب أو لآخر. وفي حال وجود أطفال فكل من الزوجين يريد التعامل معهم بطريقته التي يعتقد أنها الطريقة الصحيحة. وتبدأ الخلافات حين يرفض كل منهما الاقتناع بصوابية طريقة الآخر أو إمكانية الوصول إلى حل وسط بشأن الطريقتين.
تدخل الأهل
بالإضافة إلى الموضوعات الرئيسية الثلاثة هناك العديد من الأسباب الأخرى كتدخل الأهل، وبالذات أم الزوج وأم الزوجة.. وموضوع العلاقات السابقة خاصة حين يكون أحدهما قد سبق له الزواج أو الارتباط. وتزداد المشكلة خطورة حين يكون لأحدهما أطفال من علاقة سابقة.
ومن الأسباب التي تشعل نار الخلافات بين الزوجين أن يكون أحدهما مدمناً على شيء يرفضه الآخر، حتى لو كان مدمناً على ممارسة هواية رائعة. فالإدمان لا يعني بالضرورة إدماناً على ممارسات سيئة دائماً، قد يكون أحدهما مدمناً على الاستماع للموسيقى الكلاسيكية، أو جمع الطوابع أو الاستماع للغناء القديم مثلاً، وربما ممارسة رياضة معينة.
وتبدأ المشاكل حين يرفض شريك العمر «إضاعة الوقت» في مثل هذه الأمور ويعتقد أن الآخر يفضل قضاء الوقت مع هذه الهوايات بدلاً من قضائه معه أو معها.
الكذب والخيانة
من الأسباب التي تدمر العلاقة الزوجية أيضاً الكذب، الخيانة الزوجية، الإدمان على الممارسات الضارة والخاطئة.. أو حين يولي أحد الزوجين الأولوية لعمله أو لأفراد أسرته وأصدقائه بدلاً من إعطائها لشريك العمر.
ومن المهم جداً لضمان السعادة الزوجية ألا يشعر أي من طرفي هذه العلاقة أن الآخر يتعمد تهميشه.. أو أنه يبذل المستحيل لكن من دون جدوى لإرضاء شريك العمر.
الدكتورة نانسي درايفوس تقول في كتاب من تأليفها بعنوان: « تكلم معي كأنني الشخص الذي تحبه» أن من المهم جداً أن يعرف المتزوجون الحد الفاصل بين المقبول والمرفوض في الخلافات والمناقشات.
وتضيف أن جميع المتزوجين يختلفون في ما بينهم، أما أولئك الذين لا يختلفون فهم أطراف في علاقات غير سليمة وغير صحية. فعدم وجود اختلافات في الرأي يعني بكل بساطة أن أحدهما أو كليهما عديم الرأي وبلا شخصية أيضاً. فمن غير المعقول أن نجد إنساناً لا رأي له في ما يدور حوله، ومن غير المعقول أن الأمور حولنا تسير بالضبط كما نريد دائماً وأبداً، فلا نشكو ولا نتذمر بل لا نبدي رأياً في ما نرى أو نسمع.
حساب مصرفي
توضح هذه المتخصصة في أمور العلاقات الزوجية الحد الفاصل بين المعقول والمرفوض بالقول أن المتزوجين يكونون في الجانب الصحيح حين الخروج راضين ومقتنعين بنتيجة ما بين ستين إلى سبعين في المائة من خلافاتهم. أما حين تكون النتيجة أقل فالمطلوب من الزوجين مراجعة حساباتهما قبل فوات الأوان.
وتقول أن العلاقة الزوجية مثل الحساب المصرفي.. فإذا واظب المرء على السحب المتواصل من هذا الحساب من دون إيداع ما يكفي من المال في الوقت المناسب فسوف يصل بالتأكيد إلى يوم يعلن فيه إفلاسه.
الحالة الصحية والنفسية
حين يجد المتزوجون أنفسهم وسط جدال أو خلاف مع شريك العمر يتوجب عليهم أن يدركوا أن الحالة الصحية والنفسية تعتمد على نوعية خلافاتهم والطريقة التي يتعاملون بها مع هذه الخلافات.
فقد أثبتت الدراسات أن النساء بالذات اللواتي يتفهمن ويحترمن مشاعر الزوج أثناء احتدام النقاش أقل من غيرهن عرضة للإصابة بأمراض القلب.
وتقول الدكتورة درايفوس أن هذا لا يعني أن الزوجة التي لا تختلف مع زوجها تكون حالتها الصحية أفضل من غيرها، لكن الزوجة التي تناقش وتجادل في ود ولطف وعقل مفتوح، تظل قادرة على الخروج بالعلاقة الزوجية من دوامة النقاش أقوى وأفضل. فمن المهم جداً أن يحرص كل من الزوجين على التأكيد على الرغبة في الحفاظ على العلاقة وأن النقاش يدور بين شريكين وليس بين عدوين.
العنف الزوجي
على الرغم من أن بعض الخلافات الزوجية تتسم بالعنف فيتحول المكان إلى حلبة مصارعة، فهناك الكثيرون ممن يعرفون كيف يلجمون الخلافات ويحصرونها في دائرة النقاش الهادئ.. من دون صراخ أو شتائم.. من دون تعليقات مهينة أو تخريب في المنزل وقذف الكراسي والدق على الطاولة بالقبضات.. فمثل هذه الممارسات تدل على عقلية صبيانية مدمرة.
ومن المهم جداً أن يسأل كل من الزوجين نفسه عن الهدف من النقاش أو الجدال: هل يريد الوصول إلى نتيجة مقبولة للطرفين؟ أم أنه يريد كسر كلمة الآخر وتسفيه أفكاره وتحطيم شخصيته؟
الدكتور سيث مايرز مؤلف كتاب «وصفة للحب» يقول أن النقاش بين الزوجين، حتى الساخن منه، لا يعني أنهما غير سعيدين وأن النقاش غير صحي طالما أنه لا يزال بعيداً عن الاتهامات الشخصية، وأن أياً منهما لا يشعر بأن القصد من النقاش إهانته أو تجريحه أو التهجم عليه وانتقاده على كل صغيرة وكبيرة.
الحد الفاصل
أين يقع الحد الفاصل بين النقاش الصحي والجدل العقيم؟
تقول الدكتورة تيسينيا أن تجاوز هذا الخط يكون حين يرفع أحدهما صوته زيادة عن المعتاد بحيث يمكن سماعه من غرفة مجاورة، أو حين يشعر أحد الزوجين بأنه عاجز عن قول ما يريد أو خائف من قول ما يدور في رأسه.
الدكتور مايرز يقول أن من العلامات الخطرة والدالة على اضطراب العلاقة الزوجية هي خوف أحد طرفي هذه العلاقة من مجرد العودة إلى البيت بعد العمل.. كأن العودة إلى منزل الزوجية الذي يفترض به أن يكون الجنة قد تحول إلى كابوس أو سجن يحاول أحد الزوجين أن يتجنبه لعلمه أن الخلافات ستكون في انتظاره.
ويضيف أن من علامات اضطراب العلاقة الزوجية أيضاً تعليقات الأهل أو الأصدقاء بأنهم لا يشعرون بالراحة حين يبدأ الزوجان أو أحدهما جولات النقاش العقيم وكأن كلاً منهما يحاول تسجيل أهداف في مرمى الآخر.
النقاط الرئيسية
الدكتورة درايفوس تنصح المتزوجين الراغبين في مناقشة أمر ذي قيمة أن يعمدوا أولاً لكتابة النقاط الرئيسية التي يريدون مناقشتها، فمثل هذه الكتابة بعيداً عن الزعيق والانفعال تضمن صفاء الذهن لكن الأكثر هو أننا حين نكتب ما نريد قوله أو ما يضايقنا قد ندرك أن الأمر لا يستحق النقاش أصلاً.
وكما يحدث في بعض الملاعب، يستحسن أن يعمد أحد الزوجين أثناء النقاش المحتدم أن يطلب استراحة قصيرة «تايم أوت» لتناول القهوة مع شريك العمر مثلاً، بشرط أن يعود طالب الاستراحة نفسه خلال أقل من ساعة إلى جلسة النقاش لا أن يهرب منها.
ومن المهم جداً أن يدرك كل منهما حقيقة أن النقاش العقلاني وحده، وليس الصراخ وتسجيل النقاط، هو الذي يؤدي إلى نتيجة.
النق والنكد وقلة النظافة بين الأسباب
قائمة بالأسباب التي تثير الخلافات بين المتزوجين، بالإضافة للأسباب المذكورة في الموضوع الرئيسي وهي على النحو التالي:
• ترك أوساخ خاصة الشعر على المغسلة.
• عدم تنظيف المرحاض بعد استخدامه.
• القفز بالريموت كونترول بين القنوات التلفزيونية.
• عدم إطفاء الأضواء قبل ترك المكان.
• ترك منشفة مبللة على السرير أو على الأرض.
• تجميع أشياء غير ضرورية.
• ترك أكواب أو أطباق في غير أماكنها.
• ادعاء التعب وترك أعمال البيت لشريك العمر.
ولاحظ الموقع أن معظم الخلافات الزوجية (في أميركا) تحدث مساء الخميس لأن جولات الجدل العقيم بين المتزوجين غالباً ما تحدث في ذلك اليوم. وقال إن معظم الخلافات تدور حول موضوعي قلة النظافة و«النق والنكد».