المسلم الحق
9/211ـ عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( المُسلمُ مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده , والمهاجرُ من هجر ما نهى الله عنه )) متفق عليه .
المسلم يطلق على معاني كثيرة , منها المستسلم , فالمستسلم لغيره
يقال له : مسلم , ومنه على أحد التفسيرين قوله تعالى :
( قالت الأعرابُ آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) [ الحجرات : 14| أي : قولوا أستسلمنا , ولم نقا تلكم .
ويطلق الإسلام على السلامة , يعني أن يسلم الناس من شره ,
فيقال : أسلم بمعنى دخل في السلم , أي : المسالمَة للناس ,
بحيث لا يؤذي الناس ,
ومنه هذا الحديث :
(( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ))
سلم المسلمون من لسانه . فلا يسبهم , ولا يلعنهم , ولا يغتابهم , ولا ينم
بينهم , ولا يسعى بينهم بأي نوع من أنواع الشر والفساد ,
فهو قد كف لسانه , وكف اللسان من أشد ما يكون على الإنسان , وهو
من الأمور التي تصعب على المرء وربما يستسهل إطلاق لسانه .
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لِمعاذ بن جبل : (( أفلا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ))
قلت : بلى يارسول الله , فأخذ بلسان نفسه وقال : (( كف عليك هذا )) ,
قلت : يا رسول الله , وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ! ـ يعني : هل نؤاخذ
بالكلام ؟ فقال : (( ثكلتك أمك يا معاذ , وهل يكب الناس في النار على
وجوههم أو قال : على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم ))
فاللسان من أشد الجوارح خطراً على الإنسان , ولهذا إذا أصبح الإنسان
فإن الجوارح : اليدين والرجلين والعينين كل الجوارح تكفر اللسان ,
لآن اللسان فيه شهوة الكلام , وقل من سلم منه .
فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه أي : كف عنهم , لا يذكرهم إلا
بخير , ولا يسب , ولا يغتاب , ولا ينم , ولا يحر ش , بين الناس ,
فهو رجل مسالم .
وإذا سمع السوء حفظ لسانه , وليس كما يفعل بعض الناس والعياذ بالله ,
إذا سمع السوء في أخيه المسلم طار به فرحاً , وطار به في البلاد نشراً
وإذاعة , فإن هذا ليس بمسلم .
فمن كان ليس له هم إلا القيل والقال في عباد الله , وأكل لحومهم
وأعراضهم , فهذا ليس بمسلم .
وكذلك من كان ليس له هم إلا الاعتداء على الناس بالضرب , وأخذ المال , وغير ذلك مما يتعلق باليد , فإنه ليس بمسلم .
هكذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام , وليس إخبار النبي صلى الله عليه
وسلم : لمجرد أن نعلم به فقط , بل لنعلم به ونعمل به , وإلا فما الفائدة
من كلام لا يعمل به , إذن فاحرص إن كنت تريد الإسلام حقاً على أن يسلم الناس من لسانك ويدك , حتى تكون مسلماً حقاً ,
أسأل الله أن يكفينا ويكف عنا , ويعافنا ويعفو عنا , إنه جواد كريم .
من شرح رياض الصالحين ص | 764