منتديات تيارت للعلوم
اختصار علوم////*** الحديث.... Hdtyl02z05px
منتديات تيارت للعلوم
اختصار علوم////*** الحديث.... Hdtyl02z05px
منتديات تيارت للعلوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

   شبكة حسيني نت

إعلانات إدارةمنتديات تيارت للعلوم







 

 اختصار علوم////*** الحديث....

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
kadari14

تيارت .
  تيارت .
kadari14


عدد المساهمات : 356
ذكر العمر : 30

اختصار علوم////*** الحديث.... Empty
مُساهمةموضوع: اختصار علوم////*** الحديث....   اختصار علوم////*** الحديث.... Emptyالثلاثاء يناير 18, 2011 8:55 pm

اختصار علوم الحديث

لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله






المقدمة

قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ، مُفْتِي الْإِسْلَامِ ، قُدْوَةُ الْعُلَمَاءِ ، شَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ ، الْحَافِظُ الْمُفَسِّرُ ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ ، عِمَادُ الدِّينِ ، أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ الشَّافِعِيُّ ، إِمَامُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسِ ، -فَسَّحَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي أَيَّامِهِ ، وَبَلَّغَهُ فِي الدَّارَيْنِ أَعْلَى قَصْدِهِ وَمُرَامِهِ-.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفَى.

(أَمَّا بَعْدُ)

فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ -عَلَى قَائِلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ- قَدْ اِعْتَنَى بِالْكَلَامِ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ قَدِيمًا وَحَدِيثً ، كَالْحَاكِمِ وَالْخَطِيبِ ، وَمَنْ قَبْلَهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنْ حُفَّاظِ الْأُمَّةِ.

وَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهَمِّ الْعُلُومِ وَأَنْفَعِهَا أَحْبَبْتَ أَنْ أُعَلِّقَ فِيهِ مُخْتَصَرًا نَافِعًا جَامِعًا لِمَقَاصِد الْفَوَائِدِ ، وَمَانِعًا مِنْ مُشْكِلَاتِ الْمَسَائِلِ الْفَرَائِد وَكَانَ الْكِتَابُ الَّذِي اِعْتَنَى بِتَهْذِيبِهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ، أَبُو عُمَرَ بْنُ الصَّلَاحِ -تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ - مِنْ مَشَاهِيرِ الْمُصَنَّفَاتِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَبَةِ لِهَذَا الشَّأْنِ ، وَرُبَّمَا عُنِيَ بِحِفْظِهِ بَعْضُ الْمَهَرَةِ مِنْ الشُّبَّانِ سَلَكْتُ وَرَاءَهُ ، وَاحْتَذَيْت حِذَاءَهُ ، وَاخْتَصَرْتُ مَا بَسَطَهُ ، وَنَظَّمْتُ مَا فَرَطَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ خَمْسَةً وَسِتِّينَ ، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظَ النَّيْسَابُورِيَّ ، شَيْخَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَنَا -بِعَوْنِ اللَّهِ- أَذْكُرُ جَمِيعَ ذَلِكَ ، مَعَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْمُلْتَقَطَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ ، الْمُسَمَّى (بِالْمَدْخَلِ إِلَى كِتَابِ السُّنَنِ) وَقَدْ اِخْتَصَرْتُهُ أَيْضًا بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا النَّمَطِ ، مِنْ غَيْرِ وَكْسٍ وَلَا شَطَطٍ ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، وَعَلَيْهِ الِاتِّكَالُ.

ذِكْرُ تَعْدَادِ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ: صَحِيحٌ ، حَسَنٌ ، ضَعِيفٌ ، مُسْنَدٌ ، مَرْفُوعٌ ، مَوْقُوفٌ ، مَقْطُوعٌ ، مُرْسَلٌ ، مُنْقَطِعٌ ، مُعْضَلٌ.

مُدَلَّسٌ ، شَاذٌّ ، مُنْكَرٌ ، مَا لَهُ شَاهِدٌ ، زِيَادَةُ الثِّقَةِ ، الْأَفْرَادُ.

اَلْمُعَلَّلُ ، الْمُضْطَرِبُ ، الْمُدْرَجُ ، الْمَوْضُوعُ ، الْمَقْلُوبُ.

مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ ، مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَإِسْمَاعِهِ ، وَأَنْوَاعِ التَّحَمُّلِ مِنْ إِجَازَةٍ وَغَيْرِهَا.

مَعْرِفَةُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَضَبْطِهِ ، كَيْفِيَّةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَشَرْطُ أَدَائِهِ.

آدَابُ الْمُحَدِّثِ ، آدَابُ الطَّالِبِ ، مَعْرِفَةُ الْعَالِي وَالنَّازِلِ.

اَلْمَشْهُورُ ، الْغَرِيبُ ، الْعَزِيزُ ، غَرِيبُ الْحَدِيثِ وَلُغَتُهُ ، الْمُسَلْسَلُ ، نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ.

اَلْمُصَحَّفُ إِسْنَادًا وَمَتْنً ، مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ ، الْمَزِيدُ فِي الْأَسَانِيدِ.

اَلْمُرْسَلُ ، مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ ، مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ ، مَعْرِفَةُ أَكَابِرِ الرُّوَاةِ عَنْ الْأَصَاغِرِ.

اَلْمُدَبَّجُ وَرِوَايَةُ الْأَقْرَانِ ، مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ، رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ ، عَكْسُهُ.

مَنْ رَوَى عَنْهُ اِثْنَانِ مُتَقَدِّمٌ وَمُتَأَخِّرٌ ، مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ.

مَنْ لَهُ أَسْمَاءٌ وَنُعُوتٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، الْمُفْرَدَاتُ مِنَ الْأَسْمَاءِ ، مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى ، مَنْ عُرِفَ بِاسْمِهِ دُونَ كُنْيَتِهِ.

مَعْرِفَةُ الْأَلْقَابِ ، الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ ، نَوْعٌ مُرَكَّبٌ مِنْ الَّذَيْنِ قَبْلَهُ ، نَوْعٌ آخَرُ مِنْ ذَلِكَ.

مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، الْأَنْسَابُ الَّتِي يَخْتَلِفُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَ ، مَعْرِفَةُ الْمُبْهَمَاتِ ، تَوَارِيخُ الْوَفَيَاتِ.

مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ ، مَنْ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ ، الطَّبَقَاتُ.

مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ ، مَعْرِفَةُ بُلْدَانِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ.

وَهَذَا تَنْوِيعٌ مِنْ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو وَتَرْتِيبُهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ، قَالَ وَلَيْسَ بِآخِرِ الْمُمْكِنِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّنْوِيعِ إِلَى مَا لَا يُحْصَى ، إِذْ لَا تَنْحَصِرُ أَحْوَالُ الرُّوَاةِ وَصِفَاتُهُمْ ، وَأَحْوَالُ مُتُونِ الْحَدِيثِ وَصِفَاتُهَا.

(قُلْتُ) وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ ، بَلْ فِي بَسْطِهِ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ إِلَى هَذَا الْعَدَدِ نَظَرٌ إِذْ يُمْكِنُ إِدْمَاجُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ ، وَكَانَ أَلْيَقَ مِمَّا ذَكَرَهُ ثُمَّ إِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَاتٍ مِنْهَا بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَكَانَ اللَّائِقُ ذِكْرَ كُلِّ نَوْعٍ إِلَى جَانِبِ مَا يُنَاسِبُهُ.

وَنَحْنُ نُرَتِّبُ مَا نَذْكُرُهُ عَلَى مَا هُوَ الْأَنْسَبُ ، وَرُبَّمَا أَدْمَجْنَا بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ ، طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَالْمُنَاسَبَةِ وَنُنَبِّهُ عَلَى مُنَاقَشَاتٍ لَا بُدَّ مِنْهَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ -تَعَالَى-.

اَلنَّوْعُ الْأَوَّلُ

اَلصَّحِيحُ

تَقْسِيمُ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْوَاعِهِ صِحَّةً وَضَعْفً

قَالَ اِعْلَمْ -عَلَّمَكَ اللَّهُ وَإِيَّايَ- أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَهْلِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى صَحِيحٍ وَحَسَنٍ وَضَعِيفٍ

(قُلْتُ) هَذَا التَّقْسِيمُ إِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، فَلَيْسَ إِلَّا صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ ، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اِصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ ، فَالْحَدِيثُ يَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ ذَكَرَهُ آنِفًا هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا.

تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

قَالَ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونَ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا.

ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ فَوَائِدَهُ ، وَمَا اِحْتَرَزَ بِهَا عَنْ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ وَالشَّاذِّ ، وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ وَمَا فِي رَاوِيهِ مِنْ نَوْعِ جَرْحٍ.

قَالَ وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ ، أَوْ فِي اِشْتِرَاطِ بَعْضِهَ ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ.

(قُلْتُ) فَحَاصِلُ حَدِّ الصَّحِيحِ أَنَّهُ الْمُتَّصِلُ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّ ، وَلَا مَرْدُودً ، وَلَا مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا أَوْ غَرِيبًا.

وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ فِي نَظَرِ الْحُفَّاظِ فِي مَحَالِّهِ ، وَلِهَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَصَحَّ الْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضِهَا فَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَصَحُّهَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ والفَلَّاسُ أَصَحُّهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَصَحُّهَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ الْبُخَارِيِّ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ ، إِذْ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ.

أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ صِحَاحَ الْحَدِيثِ

(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ اِعْتَنَى بِجَمْعِ الصَّحِيحِ أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، وَتَلَاهُ صَاحِبُهُ وَتِلْمِيذُهُ أَبُو الْحَسَنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ فَهُمَا أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَرْجَحُ ؛ لِأَنَّهُ اِشْتَرَطَ فِي إِخْرَاجِهِ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي قَدْ عَاصَرَ شَيْخَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ سَمَاعُهُ مِنْهُ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُسْلِمٌ الثَّانِيَ ، بَلْ اِكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْمُعَاصَرَةِ وَمِنْ هَاهُنَا يَنْفَصِلُ لَكَ النِّزَاعُ فِي تَرْجِيحِ تَصْحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ ، وَطَائِفَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ.

ثُمَّ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا لَمْ يَلْتَزِمَا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ، فَإِنَّهُمَا قَدْ صَحَّحَا أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابَيْهِمَ ، كَمَا يَنْقُلُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ ، بَلْ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا.

عَدَدُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنَ الْحَدِيثِ

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ ، بِالْمُكَرَّرِ سَبْعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَبِغَيْرِ الْمُكَرَّرِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَجَمِيعُ مَا فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ بِلَا تَكْرَارٍ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ.

اَلزِّيَادَاتُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ الْأَخْرَمِ قَلَّ مَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

وَقَدْ نَاقَشَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ قَدْ اِسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا مَقَالٌ ، إِلَّا أَنَّهُ يَصْفُو لَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ.

(قُلْتُ) فِي هَذَا نَظَرٌ ، فَإِنَّهُ يُلْزِمُهُمَا بِإِخْرَاجِ أَحَادِيثَ لَا تَلْزَمُهُمَ ، لِضَعْفِ رُوَاتِهِمَا عِنْدَهُمَ ، أَوْ لِتَعْلِيلِهِمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ خُرِّجَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ، يُؤْخَذُ مِنْهَا زِيَادَاتٌ مُفِيدَةٌ ، وَأَسَانِيدُ جَيِّدَةٌ ، كَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ ، وَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْبُرْقَانِيِّ ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكُتُبٌ أُخَرُ اِلْتَزَمَ أَصْحَابُهَا صِحَّتَهَ ، كَابْنِ خُزَيْمَةَ ، وَابْنِ حِبَّانَ البُسْتِيِّ ، وَهُمَا خَيْرٌ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ بِكَثِيرٍ ، وَأَنْظَفُ أَسَانِيدَ وَمُتُونًا.

وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنَ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا يُوَازِي كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ ، بَلْ وَالْبُخَارِيِّ أَيْضً ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَ ، وَلَا عِنْدَ أَحَدِهِمَ ، بَلْ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُمْ أَبُو دَاوُدَ ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ.

وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُعْجَمَيْ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ ، وَمَسْنَدَيْ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْفَوَائِدِ وَالْأَجْزَاءِ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُتَبَحِّرُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ كَثِيرٍ مِنْهُ ، بَعْدَ النَّظَرِ فِي حَالِ رِجَالِهِ ، وَسَلَامَتِهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُفْسِدِ وَيَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ قَبْلَهُ ، مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى النَّوَوِيِّ ، وَخِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو.

وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ (اَلْمُخْتَارَةَ) وَلَمْ يَتِمَّ ، كَانَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ مِنْ مَشَايِخِنَا يُرَجِّحُهُ عَلَى مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ فَقَالَ وَهُوَ وَاسِعُ الْخَطْوِ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ ، مُتَسَاهِلٌ بِالْقَضَاءِ بِهِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي أَمْرِهِ ، فَمَا لَمْ نَجِدْ فِيهِ تَصْحِيحًا لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحً ، فَهُوَ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِهِ ، إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ .

(قُلْتُ) فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ ، فِيهِ الصَّحِيحُ الْمُسْتَدْرَكُ ، وَهُوَ قَلِيلٌ ، وَفِيهِ صَحِيحٌ قَدْ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَ ، لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ وَفِيهِ الْحَسَنُ وَالضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ أَيْضًا وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ ، وَبَيَّنَ هَذَا كُلَّهُ ، وَجَمَعَ فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ ، وَذَلِكَ يُقَارِبُ مِائَةَ حَدِيثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

مُوَطَّأُ مَالِكٍ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- "لَا أَعْلَمُ كِتَابًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ" ، إِنَّمَا قَالَهُ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَدْ كَانَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مُصَنَّفَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي السُّنَنِ ، لِابْنِ جُرَيْحٍ ، وَابْنِ إِسْحَاقَ -غَيْرَ السِّيرَةِ- وَلِأَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الزَّبِيدِيِّ ، وَمُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّازِقِ بْنِ هَمَّامٍ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَكَانَ كِتَابُ مَالِكٍ ، وَهُوَ (اَلْمُوَطَّأُ) أَجَلُّهَا وَأَعْظَمُهَا نَفْعً ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْبَرَ حَجْمًا مِنْهُ وَأَكْثَرَ أَحَادِيثَ وَقَدْ طَلَبَ الْمَنْصُورُ مِنَ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِهِ ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ عِلْمِهِ وَاتِّصَافِهِ بِالْإِنْصَافِ ، وَقَالَ "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا وَاطَّلَعُوا عَلَى أَشْيَاءَ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا".

وَقَدْ اِعْتَنَى النَّاسُ بِكِتَابِهِ (اَلْمُوَطَّأِ) وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ كُتُبًا جَمَّةً وَمِنْ أَجْوَدِ ذَلِكَ كِتَابَا (اَلتَّمْهِيدِ) ، وَ(اَلِاسْتِذْكَارِ) ، لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمْرِيِّ الْقُرْطُبِيِّ ، -رَحِمَهُ اللَّهُ- هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَّصِلَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُرْسَلَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ ، وَالْبَلَاغَاتِ اللَّاتِي لَا تَكَادُ تُوجَدُ مُسْنَدَةً إِلَّا عَلَى نُدُورٍ.

إِطْلَاقُ اِسْمِ "اَلصَّحِيحِ" عَلَى التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ

وَكَانَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ يُسَمِّيَانِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ "اَلْجَامِعَ الصَّحِيحَ" وَهَذَا تَسَاهُلٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مُنْكَرَةً وَقَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ ، وَكَذَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِلنَّسَائِيِّ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّ لَهُ شَرْطًا فِي الرِّجَالِ أَشَدُّ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ غَيْرَ مُسَلَّمٍ ، فَإِنَّ فِيهِ رِجَالًا مَجْهُولِينَ إِمَّا عَيْنًا أَوْ حَالً ، وَفِيهِمْ الْمَجْرُوحُ ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَمُعَلَّلَةٌ وَمُنْكَرَةٌ ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي (اَلْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ).

مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ ، فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً ، بَلْ وَمَوْضُوعَةً ، كَأَحَادِيثِ فَضَائِلِ مَرْوٍ ، وَعَسْقَلَانَ ، وَالْبَرْثِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ حِمْصٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ.

ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَتِهِ- أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّ ، بَلْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ.

(اَلْكُتُبُ الْخَمْسَةُ وَغَيْرُهَا)

وَهَكَذَا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ ، يَعْنِي الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ إِنَّهُ اِتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا عُلَمَاءُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ تَسَاهُلٌ مِنْهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَهِيَ ذَلِكَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ كُتُبِ الْمَسَانِيدِ كَمُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، وَالدَّارِمِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَبِي يَعْلَى ، وَالْبَزَّارِ ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ، وَغَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ حَدِيثِهِ.

اَلتَّعْلِيقَاتُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ

وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى التَّعْلِيقَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضً ، لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ ، قِيلَ إِنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضُوعًا.

وَحَاصِلُ الْأَمْرِ : أَنَّ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فَصَحِيحٌ إِلَى مَنْ عَلَّقَهُ عَنْهُ ، ثُمَّ النَّظَرُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْهَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا صِحَّةٌ وَلَا تُنَافِيهَا أَيْضً ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمَا كَانَ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ صَحِيحًا فَلَيْسَ مِنْ نَمَطِ الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ فِيهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ وَسَمَ كِتَابَهُ (بِالْجَامِعِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَصَرِ فِي أُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَنِهِ وَأَيَّامِهِ).

فَأَمَّا إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "قَالَ لَنَا" أَوْ "قَالَ لِي فُلَانٌ كَذَا" ، أَوْ "زَادَنِي" وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهُوَ مُتَّصِلٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

وَحَكَى اِبْنُ الصَّلَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ أَيْضً ، يَذْكُرُهُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا لِلِاعْتِمَادِ ، وَيَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ فِي الْمُذَاكَرَةِ.

وَقَدْ رَدَّهَا اِبْنُ الصَّلَاحِ ، فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا جَعْفَرٍ بْنَ حَمْدَانَ قَالَ إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ لِي فُلَانٌ" فَهُوَ مِمَّا سَمِعَهُ عَرَضًا وَمُنَاوَلَةً.

وَأَنْكَرَ اِبْنُ الصَّلَاحِ عَلَى اِبْنٍ حَزْمٍ رَدَّهُ حَدِيثَ الْمَلَاهِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ" وَقَالَ أَخْطَأَ اِبْنُ حَزْمٍ مِنْ وُجُوهٍ ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ.

(قُلْتُ) وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَخَرَّجَهُ البُرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، مُسْنَدًا مُتَّصِلًا إِلَى هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَشَيْخِهِ أَيْضً ، كَمَا بَيَّنَاهُ فِي كِتَابِ (اَلْأَحْكَامِ) ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ثُمَّ حَكَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ تَلَقَّتْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ بِالْقَبُولِ ، سِوَى أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ ، اِنْتَقَدَهَا بَعْضُ الْحُفَّاظِ ، كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ اِسْتُنْبِطَ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ مَا فِيهِمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مَعْصُومَةٌ عَنْ الْخَطَ ، فَمَا ظَنَّتْ صِحَّتَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْعَمَلُ بِهِ ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا جَيِّدٌ.

وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ ، وَقَالَ لَا يُسْتَفَادُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ مِنْ ذَلِكَ.

(قُلْتُ) وَأَنَا مَعَ اِبْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "حَاشِيَةٌ" ثُمَّ وَقَفْتُ بَعْدَ هَذَا عَلَى كَلَامٍ لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ ، مَضْمُونُهُ أَنَّهُ نَقَلَ الْقَطْعَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ، وَابْنُ حَامِدٍ ، وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ "وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ ، وَابْنِ فُورَكٍ قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَاطِبَةً وَمَذْهَبُ السَّلَفِ عَامَّةً".

وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ اِسْتِنْبَاطًا فَوَافَقَ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ.

اَلنَّوْعُ الثَّانِي

اَلْحَسَنُ

وَهُوَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ كَالصَّحِيحِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

وَهَذَا النَّوْعُ لَمَّا كَانَ وَسَطًا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ فِي نَظَرِ النَّاظِرِ ، لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، عَسُرَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ وَضَبْطُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ نِسْبِيٌّ ، شَيْءٌ يَنْقَدِحُ عِنْهُ الْحَافِظِ ، رُبَّمَا تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ.

وَقَدْ تَجَشَّمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ حَدَّهُ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ ، قَالَ وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَكْثَرِ الْحَدِيثِ ، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، وَيَسْتَعْمِلُهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.

(قُلْتُ) فَإِنْ كَانَ الْمُعَرِّفُ هُوَ قَوْلُهُ "مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ ، فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَذَلِكَ ، بَلْ وَالضَّعِيفُ وَإِنْ كَانَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ ، فَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُسَلَّمًا لَهُ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ مِنَ قَبِيلِ الْحِسَانِ ، وَلَا هُوَ الَّذِي يَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَيَسْتَعْمِلُهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.

تَعْرِيفُ التِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَرُوِّينَا عَنْ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ يُرِيدُ بِالْحَسَنِ أَنْ يَكُونَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ ، وَلَا يَكُونَ حَدِيثًا شَاذًّ ، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُ ذَلِكَ.

وَهَذَا إِذَا كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَهُ ، فَفِي أَيِّ كِتَابٍ لَهُ قَالَهُ؟ وَأَيْنَ إِسْنَادُهُ عَنْهُ؟ وَإِنْ كَانَ قَدْ فُهِمَ مِنْ اِصْطِلَاحِهِ فِي كِتَابِهِ "اَلْجَامِعِ" فَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

(تَعْرِيفَاتٌ أُخْرَى لِلْحَسَنِ)

قَالَ الشَّيْخُ عَمْرُو بْنُ الصَّلَاحِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ ، هُوَ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ ، وَيَصْلُحُ لِلْعَمَلِ بِهِ.

ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ وَكُلُّ هَذَا مُسْتَبْهِمٌ لَا يَشْفِي الْغَلِيلَ ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ مَا يَفْصِلُ الْحَسَنَ عَنْ الصَّحِيحِ ، وَقَدْ أَمْعَنْتُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَالْبَحْثَ ، فَتَنَقَّحَ لِي وَاتَّضَحَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ قِسْمَانِ:

(أَحَدُهُمَا) الْحَدِيثُ الَّذِي لَا يَخْلُو رِجَالُ إِسْنَادِهِ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَ ، وَلَا هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ ، وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُنْكَرًا ثُمَّ قَالَ وَكَلَامُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُتَنَزَّلُ.

(قُلْتُ) لَا يُمْكِنُ تَنْزِيلُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ (اَلْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ رِجَالِ الصَّحِيحِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ ، وَلَا يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مُنْكَرً ، وَلَا يَكُونُ الْمَتْنُ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا قَالَ وَعَلَى هَذَا يُتَنَزَّلُ كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ ، قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو لَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِ الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقِ مُتَعَدِّدَةٍ كَحَدِيثِ ( اَلْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ ) أَنْ يَكُونَ حَسَنً ؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ يَتَفَاوَتُ ، فَمِنْهُ مَا لَا يَزُولُ بِالْمُتَابَعَاتِ ، يَعْنِي لَا يُؤَثِّرُ كَوْنُهُ تَابِعًا أَوْ مَتْبُوعً ، كَرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ وَالْمَتْرُوكِينَ ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ يَزُولُ بِالْمُتَابَعَةِ ، كَمَا إِذَا كَانَ رَاوِيهِ سَيِّئَ الْحِفْظِ ، أَوْ رَوَى الْحَدِيثَ مُرْسَلً ، فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ تَنْفَعُ حِينَئِذٍ ، وَيُرْفَعُ الْحَدِيثُ عَنْ حَضِيضِ الضَّعْفِ إِلَى أَوْجِ الْحُسْنِ أَوْ الصِّحَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(اَلتِّرْمِذِيُّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ)

قَالَ وَكِتَابُ التِّرْمِذِيِّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ ، وَهُوَ الَّذِي نَوَّهَ بِذِكْرِهِ ، وَيُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ ، كَأَحْمَدَ ، وَالْبُخَارِيِّ ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ ، كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ.

(أَبُو دَاوُدَ مِنْ مَظَانِّ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ)

قَالَ وَمِنْ مَظَانِّهِ سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ ، وَمَا كَانَ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ بَيَّنْتُهُ ، وَمَا لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ ، وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ قَالَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ أَصَحَّ مَا عَرَفَهُ فِيهِ.

(قُلْتُ) وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ هُوَ حَسَنٌ.

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ : فَمَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِهِ مَذْكُورًا مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ ، وَلَا نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ أَحَدٌ ، فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.

(قُلْتُ) الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ بِكِتَابِهِ (اَلسُّنَنِ) كَثِيرَةٌ جِدًّ ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِهَا مِنَ الْكَلَامِ ، بَلْ وَالْأَحَادِيثِ ، مَا لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وَلِأَبِي عُبَيْدٍ الْآجُرِّيِّ عَنْهُ أَسْئِلَةٌ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّعْلِيلِ ، كِتَابٌ مُفِيدٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَحَادِيثُ وَرِجَالٌ قَدْ ذَكَرَهَا فِي سُنَنِهِ فَقَوْلُهُ وَمَا سَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ ، مَا سَكَتَ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ فَقَطْ؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَالتَّيَقُّظُ لَهُ.

كِتَابُ الْمَصَابِيحٍ لِلْبَغَوِيِّ

قَالَ وَمَا يَذْكُرُهُ الْبَغَوِيُّ فِي كِتَابِهِ (اَلْمَصَابِيحِ) مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا أَخْرَجَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَ ، وَأَنَّ الْحَسَنَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَأَشْبَاهُهُمَ ، فَهُوَ اِصْطِلَاحٌ خَاصٌّ ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ ذَلِكَ لِمَا فِي بَعْضِهِمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُنْكَرَةِ.

صِحَّةُ الْإِسْنَادِ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا صِحَّةُ الْحَدِيثِ.

قَالَ وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْحُسْنِ عَلَى الْإِسْنَادِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَتْنِ ، إِذْ قَدْ يَكُونُ شَاذًّا أَوْ مُعَلَّلًا.

قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ "هَذَا حَسَنٌ صَحِيحٌ" فَمُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ كَالْمُتَعَذِّرِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ إِسْنَادَيْنِ حَسَنٍ وَصَحِيحٍ.

(قُلْتُ) وَهَذَا يَرُدُّهُ أَنَّهُ يَقُولُ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ حَسَنٌ بِاعْتِبَارِ الْمَتْنِ ، صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْإِسْنَادِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ أَيْضً ، فَإِنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ مَرْوِيَّةٍ فِي صِفَةِ جَهَنَّمَ ، وَفِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُشَرِّبُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ عَلَى الْحَدِيثِ كَمَا يُشَرِّبُ الْحُسْنَ بِالصِّحَّةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا يَقُولُ فِيهِ "حَسَنٌ صَحِيحٌ" أَعْلَى رُتْبَةً عِنْدَهُ مِنَ الْحَسَنِ ، وَدُونَ الصَّحِيحِ ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ عَلَى الْحَدِيثِ بِالصِّحَّةِ الْمَحْضَةِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِهِ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْحُسْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اَلنَّوْعُ الثَّالِثُ

اَلْحَدِيثُ الضَّعِيفُ

قَالَ وَهُوَ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ صِفَاتُ الصَّحِيحِ ، وَلَا صِفَاتُ الْحَسَنِ الْمَذْكُورَةُ كَمَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى تَعْدَادِهِ وَتَنَوُّعِهِ بِاعْتِبَارِ فَقْدِهِ وَاحِدَةً مِنْ صِفَاتِ الصِّحَّةِ أَوْ أَكْثَرَ ، أَوْ جَمِيعَهَا.

فَيَنْقَسِمُ جِنْسُهُ إِلَى الْمَوْضُوعِ ، وَالْمَقْلُوبِ ، وَالشَّاذِّ ، وَالْمُعَلَّلِ ، وَالْمُضْطَرِبِ ، وَالْمُرْسَلِ ، وَالْمُنْقَطِعِ ، وَالْمُعْضَلِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

اَلنَّوْعُ الرَّابِعُ

اَلْمُسْنَدُ

قَالَ الْحَاكِمُ هُوَ مَا اِتَّصَلَ إِسْنَادُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وَقَالَ الْخَطِيبُ هُوَ مَا اِتَّصَلَ إِلَى مُنْتَهَاهُ.

وَحَكَى اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا.

فَهَذِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ.

اَلنَّوْعُ الْخَامِسُ

اَلْمُتَّصِلُ

وَيُقَالُ لَهُ "اَلْمَوْصُولُ" أَيْضً ، وَهُوَ يَنْفِي الْإِرْسَالَ وَالِانْقِطَاعَ ، وَيَشْمَلُ الْمَرْفُوعَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَوْقُوفَ عَلَى الصَّحَابِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ.

اَلنَّوْعُ السَّادِسُ

اَلْمَرْفُوعُ

هُوَ مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلًا أَوْ فِعْلًا عَنْهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا أَوْ مُرْسَلً ، وَنَفَى الْخَطِيبُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا فَقَالَ هُوَ مَا أَخْبَرَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

اَلنَّوْعُ السَّابِعُ

اَلْمَوْقُوفُ

وَمُطْلَقُهُ يَخْتَصُّ بِالصَّحَابِيِّ ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ دُونَهُ إِلَّا مُقَيَّدًا وَقَدْ يَكُونُ إِسْنَادُهُ مُتَّصِلًا وَغَيْرَ مُتَّصِلٍ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ أَيْضًا أَثَرًا وَعَزَاهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ إِلَى الْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الْمَوْقُوفَ أَثَرًا.

(قَالَ) وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الفُورَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْخَبَرُ مَا كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْأَثَرُ مَا كَانَ عَنْ الصَّحَابِيِّ.

(قُلْتُ) وَمِنْ هَذَا يُسَمِّي كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْكِتَابَ الْجَامِعَ لِهَذَا وَهَذَا (بِالسُّنَنِ وَالْآثَارِ) كَكِتَابَيْ (اَلسُّنَنِ وَالْآثَارِ) لِلطَّحَاوِيِّ ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اَلنَّوْعُ الثَّامِنُ

اَلْمَقْطُوعُ

وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِينَ قَوْلًا وَفِعْلً ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُنْقَطِعِ وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ إِطْلَاقُ "اَلْمَقْطُوعِ" عَلَى مُنْقَطِعِ الْإِسْنَادِ غَيْرِ الْمَوْصُولِ.

وَقَدْ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ "كُنَّا نَفْعَلُ" ، أَوْ "نَقُولُ كَذَا" ، إِنْ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ إِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْقُوفِ وَحَكَمَ النَّيْسَابُورِيُّ بِرَفْعِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى التَّقْرِيرِ ، وَرَجَّحَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ.

قَالَ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ "كُنَّا لَا نَرَى بَأْسًا بِكَذَا" ، أَوْ "كَانُوا يَفْعَلُونَ أَوْ يَقُولُونَ" ، أَوْ "يُقَالُ كَذَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" إِنَّهُ مِنَ قَبِيلِ الْمَرْفُوعِ.

وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ "أُمِرْنَا بِكَذَا" أَوْ "نُهِينَا عَنْ كَذَا" مَرْفُوعٌ مُسْنَدٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ فَرِيقٌ ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَكَذَا الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ "مِنْ السُّنَّةِ كَذَا" ، وَقَوْلِ أَنَسٍ "أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ".

قَالَ وَمَا قِيلَ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا كَانَ سَبَبَ نُزُولٍ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

أَمَّا إِذَا قَالَ الرَّاوِي عَنْ الصَّحَابِيِّ "يَرْفَعُ الْحَدِيثَ" أَوْ "يَنْمِيهِ" أَوْ "يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" ، فَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْمَرْفُوعِ الصَّرِيحِ فِي الرَّفْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اَلنَّوْعُ التَّاسِعُ

اَلْمُرْسَلُ

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَصُورَتُهُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا حَدِيثُ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي قَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَجَالَسَهُمْ ، كَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، ثُمَّ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَأَمْثَالِهِمَ ، إِذَا قَالَ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ التَّابِعِينَ أَجْمَعِينَ فِي ذَلِكَ وَحَكَى اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ إِرْسَالُ صِغَارِ التَّابِعِينَ مُرْسَلًا.

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ يَخُصُّ الْمُرْسَلَ بِالتَّابِعِينَ وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ يُعَمِّمُونَ التَّابِعِينَ وَغَيْرَهُمْ.

(قُلْتُ) قَالَ أَبُو عَمْرٍو بْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ الْمُرْسَلُ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِتَصْوِيرِهِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ حُجَّةً فِي الدِّينِ ، فَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ الْأُصُولِ ، وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا "اَلْمُقَدِّمَاتِ".

وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ "أَنَّ الْمُرْسَلَ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ" وَكَذَا حَكَاهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ وَالْحُكْمِ بِضَعْفِهِ ، هُوَ الَّذِي اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ آرَاءُ جَمَاعَةِ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِ الْأَثَرِ ، وَتَدَاوَلُوهُ فِي تَصَانِيفِهِمْ.

قَالَ وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فِي طَائِفَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْتُ) وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فِي رِوَايَةٍ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَنَصَّ عَلَى أَنَّ مُرْسَلَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حِسَانٌ ، قَالُوا لِأَنَّهُ تَتَبَّعَهَا فَوَجَدَهَا مُسْنَدَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاَلَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ كَلَامَهُ فِي الرِّسَالَةِ "أَنَّ مَرَاسِيلَ كِبَارِ التَّابِعِينَ حُجَّةٌ إِنْ جَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَلَوْ مُرْسَلَةً ، أَوْ اِعْتَضَدَتْ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، أَوْ كَانَ الْمُرْسِلُ لَوْ سَمَّى لَا يُسَمِّي إِلَّا ثِقَةً ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُرْسَلُهُ حُجَّةً ، وَلَا يَنْتَهِضُ إِلَى رُتْبَةِ الْمُتَّصِلِ".

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَمَّا مَرَاسِيلُ غَيْرِ كِبَارِ التَّابِعِينَ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَبِلَهَا.

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَأَمَّا مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِهِ ، فَفِي حُكْمِ الْمَوْصُولِ ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَرْوُونَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ ، فَجَهَالَتُهُمْ لَا تَضُرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْتُ) وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَبُولِ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ اِبْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَيُحْكَى هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ ، لِاحْتِمَالِ تَلَقِّيهِمْ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ .

وَقَدْ وَقَعَ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنْ الْأَصَاغِرِ ، وَالْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ -تَعَالَى-.

"تَنْبِيهٌ" وَالْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ (اَلسُّنَنِ الْكَبِيرِ) وَغَيْرِهِ يُسَمِّي مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ "مُرْسَلًا" فَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ مَعَ هَذَا إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلُ الصَّحَابَةِ أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اَلنَّوْعُ الْعَاشِرُ

اَلْمُنْقَطِعُ

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَفِيهِ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ مَذَاهِبُ.

(قُلْتُ) فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَ الْإِسْنَادِ رَجُلٌ ، أَوْ يُذْكَرُ فِيهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ.

وَمَثَّلَ اِبْنُ الصَّلَاحِ لِلْأَوَّلِ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا (إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيٌّ أَمِينٌ) الْحَدِيثَ قَالَ فَفِيهِ اِنْقِطَاعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الثَّوْرِيِّ ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْجَنَدِيِّ عَنْهُ وَالثَّانِي أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْهُ.

وَمَثَّلَ الثَّانِيَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلَيْنِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، حَدِيثُ "اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ".

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمُنْقَطِعُ مِثْلُ الْمُرْسَلِ ، وَهُوَ كُلُّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ ، غَيْرَ أَنَّ الْمُرْسَلَ أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا أَقْرَبُ ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِفَايَتِهِ.

قَالَ وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مَا رُوِيَ عَنْ التَّابِعِيِّ فَمَنْ دُونَهُ ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ غَرِيبٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اَلنَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ

اَلْمُعْضَلُ

وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اِثْنَانِ فَصَاعِدً ، وَمِنْهُ مَا يُرْسِلُهُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وَقَدْ سَمَّاهُ الْخَطِيبُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ "مُرْسَلًا" وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ "مُرْسَلًا".

قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ (وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا ؛ فَيَقُولُ لَا ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ) الْحَدِيثَ قَالَ فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ ؛ لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
fathi

تيارت
  تيارت



عدد المساهمات : 56
ذكر

اختصار علوم////*** الحديث.... Empty
مُساهمةموضوع: رد: اختصار علوم////*** الحديث....   اختصار علوم////*** الحديث.... Emptyالأربعاء يناير 19, 2011 11:54 am

مشكوررررر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اختصار علوم////*** الحديث....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الفرض الاول في مادة علوم الطبيعة والحياة جدع مشترك علوم وتكنلوجيا.....
» خدمة اختصار الروابط الطويله الى قصيرة وبعض من مميزاتها
»  دورة مبسطة في علم الحديث
»  في منهج فهم الحديث الشريف
»  الفرق بين ( الحديث) و( السنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تيارت للعلوم :: منتديات المكتبة الالكترونية :: كتب الكترونية, تحميل كتب , برامج تصنيع الكتب الإلكترونية-
انتقل الى: